You are currently viewing نظرة لادارة الزراعة في حوض وادي الملك
تصوير : افي اريش

نظرة لادارة الزراعة في حوض وادي الملك

رفيطال ريكلين - اغما

ان منطقة حوض وادي الملك هو فسيفساء للوادي، للبلدات المجاورة، الاحراش، المحميات الطبيعية وعدد كبير من المناطق الزراعية. تشكل المناطق الزراعية ما يقارب 40٪ من المساحة وغالبًا ما تكون على حدود مجرى الوادي وضفافه. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام 25% أخرى من المساحة لرعاية المواشي (الذي يتداخل بجزء منه مع الاحراش والمحميات الطبيعية).

ان علاقة النشاط الزراعي بالوادي وطيدة جداً ولها عدة اتجاهات، بدءاً من استخدام المزارعين لمياه الوادي، مروراً بغمر المناطق الزراعية في مياه الامطار بفصل الشتاء، وانتهاءً بمرور وتواجد قطعان المواشي التي تأتي للشرب والاستحمام بالوادي مما يؤثر على نمور النباتات ومبنى ضفتي المياه ونوعية وجودة المياه. كما ان منطقة حوض الوادي تحتوي على مجموعة واسعة من أنواع ملكية الأراضي وأنواع مختلفة من الزراعة. كل هذا يتطلب إدارة شاملة ودائمة لتكون حلقة وصل مع المزارعين في منطقة الوادي والذي يقوم بها فريق متخصص في هذا الموضوع.

ان وادي صفورية يجري بالأساس في مناطقة زراعية، لذلك هناك مناطق كثيرة متاخمة بين المزارعين وبين الوادي مما يولد العديد من الامور المشتركة وضرورة التنسيق في العديد من القضايا بكل ما يتعلق باستصلاح واعادة تأهيل الوادي برؤية واحدة، ومن هذه المور القريبة والمتاخمة، وليست النهائية  :

كمية المياه  ان الوادي متأثر من سحب المياه غير المنتظمة وغير المنسق لها. على سبيل المثال، في منحدر الوادي هناك كمية محدودة من المياه بسبب وجود سد وقناة الملك التي تدخل مياه لمجمعات المياه الزراعية للكيبوتسات القريبة، وفي مناطق ارى هناك شحب للمياه من نقاط مختلفة للزراعة الخاصة.

وايضًا الوادي يؤثر على الزراعة وقت حدوث التدفقات والفيضانات في فصل الشتاء، والتي تسبب في الكثر من الاحيان لغمر الحقول والمحاصيل الزراعية والتسبب بأضرار اقتصادية. جزء من مصادر التلويث  للوادي هي الفيضانات الزراعية التي تصل من السهول وتشمل بها مواد واسمدة وجرف ترابي. اضافة الى ان هناك قطعان مواشي كثير تتواجد في حوض وادي صفورية، حيث يدخلون الى الوادي في الكثير من الاحيان للشرب او للاغتسال، مما يزيد من نسبة التلوث في مياه الوادي. اضافة لذلك فان قطعان المواشي تسبب لأضرار كيرة لضفتي الوادي خاصة بمنع انواع كثيرة من الاعشاب من النمو على ضفتي الوادي. الكثير من الاراضي الزراعية القريبة من ضفتي الوادي قد تسبب بأذى كبير خاصة بما يتعلق بنمو الاعشاب على ضفاف الوادي لأن النباتات البرية أو النباتات الغازية تتواجد بسهولة على أطراف الحقول الزراعية (الأراضي المخصبة والمروية).   من ناحية أخرى، من الممكن ان يكون صحي للوادي والمناطق العازلة الكبيرة التي تسمح بنمو النباتات الطبيعية والوفيرة على ضفاف النهر تأثير مفيد على الزراعة، من خلال الأعداء الطبيعيين للآفات الزراعية أو الملقحات الموجودة بالقرب من المجرى وتساهم في خدمات النظام الزراعي بشكل طبيعي.

وجها اخر للزراعة هو التأثير المتبادل على المتنزهين في منطقة الوادي. من جهة فان المتنزهين يدخلون للمناطق الزراعية، يقطفون المحاصيل، يسافرون في السيارات رباعية الدفع مما يؤدي لخروج الغبار وقت السفر ويسبب اضرارا كبيرة للنباتات والمحاصيل الزراعية، وبشكل عام فان المتنزهين قد يكونوا سببًا في ازعاج عمل المزارعين في حقولهم، ومن جهة اخرى، فان المتنزهين قد يعانون من عمل ونشاط المزارعين بسبب الازعاج والضجيج او تحريك اليات الزراعية في الحقول بجانب المتنزهين.

OLYMPUS DIGITAL CAMERA

 ان هذا الداخل الواسع مع المزارعين، اصحاب المواشي واصحاب الحقول الزراعية يتطلب  عمل ومجهود من اجل التوصل لتفاهمات وتعاون مشترك وبناء الثقة قبل البدء بالتخطيط. في الماضي، وفي مشاريع محدودة وعلى امتداد الوادي، فان المهنيين في سلطة تصريف واودية كيشون، او المهندسين المخططين، اعتادوا على التنسيق والتوصل لاتفاقيات مع اصحاب الاراضي او الجهات المختلفة في الحقل {كيبوتسات، مزارعين، كاكال، وغيرهم} وبشكل فعلي وهكذا على مدار السنين تمت بناء علاقات العمل والثقة مع كافة الاطراف المختلفة. مع ذلك فان اكبر اطار في مشروع وادي الملك، والرؤية لحوض الوادي، تطلب تجنيد طاقم معني لمجال الزراعة،  مكون من شاي غلعاد والبروفيسور افي فاربلوتسكي، واعداد هذا الطاقم مع تجربته ومهنيته يساعد من القيام بعمل معمق وبناء التعاون المشترك مع المزارعين والجهات المختلفة في الميدان، وذلك من خلال تفاهمات وقدرة ورؤية شاملة للمشروع، اضافة الى العمل بشكل منتظم كثر وبطريقة اسرع بهدف التقدم اكثر في المشروع.

بدأ الطاقم عمله في حوض الوادي قبل سنتين، ويقوم على تطوير طرق عمل تعتمد في اساها على نظرة شاملة للحوض، وتفهم بان المزارعين هم جزء من الحيز وباقون في اماكنهم بجانب الوادي. لذلك فان الطموح ان نصل الى خلق تسوية مشتركة، وبناء ثقة طويل الامد بين سلطة تصريف واودية كيشون وبين المزارعين واصحاب المواشي، وهذا القناعة تأتي من تفهم ان بدون كل من ذكروا لا يمكن استصلاح الوادي لسنوات طويلة.

يقوم الطاقم المهني بالوساطة ما بين عدد واسع من الاحتياجات والرغبات والمؤثرات المتبادلة والرؤية المختلفة في الحيز – محاولات استصلاح الوادي من الناحية البيئية، منح مكان ومساحة للوادي واتاحة حيز الوادي للجمهور الواسع مقابل تفهم احتياجات المزارعين الذين يعملون في نفس الحيز والمنطقة وفحص التأثيرات عليهم خاصة وان الاراضي هي ملكهم الخاص.

ليس دائما التفاهمات سهلة وهناك العديد من المصالح المتضاربة، خاصة عندما يتطلب الامر منح مكان في الوادي على حساب المساحات الزراعية، وايجاد حلول بديله لمصادر المياه، ونقل قطيع من المواشي من جانب الوادي او السماح لوضع حلقات التواصل او مسارات للمتنزهين.

لذلك احيانًا التحدي للطاقم المهني هو ايجاد الحل الذي هو ليس بالضرورة الحل الأفضل لكل واحد من الأطراف، بل الحل الوسط الذي يكون مقبول على الجميع. يكون جيد للدميع والاهم ان يكون جيد للوادي ويساهم في البدء بشكل فعلي في تنفيذ المخططات والمشاريع المختلفة. اهمية اخرى لوجود الطاقم المهني هذا، هو ان الطاقم يكون عنوان ثابت بالنسبة للمزارعين، لأسئلتهم ومخاوفهم التي تأتي عمليًا من الميدان حتى بعد تنفيذ المخطط او ما تم الاتفاق عليه خاصة في حال التأخير او حتى ولو بالاهتمام بتوصيل مفتاح احدى البوابات الجديدة التي تم اقامتها في طريق زراعي.

 

وجه اضافي للتعاون المشترك للطاقم المهني هو خلق تعاون بين طواقم العمل مع الجهات المختلفة في الميدان – الكيبوتسات اصحاب الاراضي، كاكال، سلطة الحدائق والطبيعة وغيرها – وبهدف ايجاد حلول جيدة، نشارك جميعًا، على سبيل المثال ايجاد حل وسط بين المسؤولين في كاكال وبين اصحاب المواشي الذين يرعون في الاراضي التابعة لملكية كاكال، وايجاد مناطقة خاصة ومعدة للمواشي ووضع خزانات المياه لتتمكن المواشي من الشرب.

ان عمل الطاقم ينقسم الى عدة مجالات :

  • العمل مع اصحاب المواشي الذي يقومون بجلب المواشي لترعى في المناطق لمحاذية لضفة الوادي، والتوصل معهم لحل وسط مقبول على كافة الاطراف وبالتالي ايجاد حل لمياه الشرب المعدة للمواشي، ووضع الجدران، والعمل على تعزيز الثقة المتقابلة ومنح كل طرف الحل الذي يرضيه. وكانت النظرة في السابق لمصادر المياه الطبيعية على انها مصدر مياه للمواشي، فان قاعدة العمل للطاقم المهني هو تغير التفكير والرؤية من قبل كافة الجهات صاحبة الشأن {سلطة الطبيعة، كاكال ووزارة الزراعة}. وعلينا ان نتذكر ان ايجاد حل للمواشي واخراجهم من محيط الوادي هو امر هام وضروري لنجاح استصلاح واعادة تأهيل الوادي.
  • مخطط المياه الذي يعتمد بأساسه على التواصل بين المزارعين وبين منظومة المياه او مياه الفيضانات والتوقف عن سحب المياه مباشرة من الوادي. حيث يقوم طاقم المزارعين بالعمل معًا مع مستشار بمجال المياه لوضع مخطط للمشروع ليتم التوصل لتفاهمات مع المزارعين ومزودين المياه وجمعيات المياه.
  • ايجاد المشترك بين “زراعة داعمة للبيئة” بدعم مباشر من المزارعين لزراعة تحافظ على البيئة في محيط الاراضي الزراعية القريبة من الوادي. الدعم لهذا المشروع هو بميزانية من سلطة تصريف واودية كيشون بهدف تشجيع المزارعين للانضمام الى المشروع والعمل وفقًا المنظومة المطلوبة في اراضيهم الزراعية حتى ولو قاموا بتقليص المساحة المزروعة بشكل قليل. حيث يهدف الامر خلق المشترك للمزارعين والوادي من خلال ايجاد مناطق فصل تساهم وتساعد على النمو البيئي الطبيعي وخدمة المنظومة الزراعية
default

مشروع الاستصلاح ما زال في قمته لكن تسجلوا العديد من النجاحات للطاقم الزراعي. حيث ان في منحدر الوادي هناك مقطع تم اعادة استصلاحه ويعرف تحت مشروع “مرلين” الدولي، حيث ان اساس التخطيط هو اعادة تأهيل الوادي لمنع حدوث الفيضانات بمساحة تصل الى 100 دونم.

وبما ان وادي الملك في المنحدر يمر بين المحاصيل الزراعية القريبة التابعة للكيبوتسات، فان الطاقم المهني بدأ بالحوار مع المسؤولين بهدف ايجاد منطقة مناسبة لحل قضية الفيضانات ، حيث تم ايجاد حل يرضي كافة الأطراف وتم البدء في الاعمال قبل عدة اسابيع.

 

 

نجاح اضافي هو ايجاد الحل مع احد اصحاب المواشي في الوادي، حيث كان قطيع المواشي يرعى بالقرب من الوادي منذ ثلاثة اجيال ولم يتم تنظيم الامر منذ  40 عامًا. حيث ان وجود قطيع المواشي بالقرب من الوادي تسبب لأضرار بيئية كبيرة منذ سنوات طويلة وساهم في تريب المزروعات الطبيعية وزيادة الثغرات وتلويث المياه من فضلات وبراز المواشي.

وفي اعقاب نشاط وعمل الطاقم المهني للمشروع، تمت التسوية مع اصحاب قطيع المواشي الذي كان يتواجد منذ سنوات، وتم نقل المواشي بشكل مؤقت الى اراضي تابعة لكاكال وتم توقيع اتفاق من خلاله سيحصل على جدران وادوات ليقوم باستخدامها للحد من سير المواشي باتجاه الوادي، وسيقوم من مراقبة المواشي والابقار ومنع وصولها لضفاف الوادي، وستم التواصل الدائم والمستمر بين صاحب المواشي وبين ممثلين عن كاكال.

قصص النجاح هذه وغيرها تجسد اهمية تأسيس العلاقات بين المزارعين وبين الجهات والمؤسسات المعنية صاحبة الشأن في منطقة الوادي، وذلك بهدف استصلاح واعادة تأهيل وادي الملك بنظرة شمولية ولسنوات طويلة الأمد.

default

اترك تعليقاً