طال راطنير: مدير قسم التربية والمجتمع والبيئة – سلطة تصريف كيشون
ان مشروع استصلاح واعادة تأهيل وادي صفورية –الملك- يشمل خطة عمل تعليمية اجتماعية والتي سيتم تطوير وتطبيق جزء منها كنموذج جديد للتعلم في محيط وحيز الوادي، ويعتمد هذا النموذج على نشاطات تربوية يتم تخطيطها بهدف زيادة التواصل والترابط لدى الطلاب مع محيط الوادي، حيث سيتم التشديد على التعلم الخارجي اي خارج الصفوف التقليدية، اضافة الى تأهيل معلمين وبنية تحتية لتشجيع التعليم والبحث في حيز الوادي.
الاودية الطبيعية والتي تم استصلاحها واعادة تأهيلها تساهم بخلق حيز ومحيط يستقطب مواطنين وزائرين ليقضوا اوقاتهم فيه، وتكون طبيعة الفعاليات والنشاطات التي يختارها المواطنين وطريقة تعاملهم مع الطبيعة، مما يؤثر بشكل ايجابي على نظرتهم للطبيعة، والفعاليات التربوية والتعليمية التي تكشف الاولاد لما تضمه الطبيعة والبيئة المحيطة للوادي، تشجع بلا شك الكثير منهم ان يتحملوا المسؤولية تجاه الحيز وبالتالي يتم ايجاد اساس وقاعدة لنظرة مستقبلية تضم وتشمل معرفة ووعي بيئي، اضافة لذلك فان التأثير الايجابي في بيئة الطبيعة من الممكن ان يساهم في زيادة جودة الحياة للمشاركين منذ سن صغير في هذه الفعاليات. من هنا فان سلطة تصريف واودية كيشون قد وضعت نصب اعنها اهمية تعزيز العلاقة بين الوادي والمجتمع وخاصة الاولاد وابناء الشبيبة والبالغين، كونهم احد اهم الموارد والتي من خلالهم يتم تنفيذ الفعاليات والنشاطات التربوية وبالتالي يتم المساهمة في الحفاظ عليه واعادة تأهيله واستصلاحه.
يتم على مدار اكثر من عشرة اعوام، تفعيل برنامج خاص يعنى بشؤون البيئة باسم “شكوف” وهو جزء من مشروع “حراس الوادي” التابع لوزارة حماية البيئة، حيث شارك في المشروع على مدار السنوات الأخيرة عشرات الاف الطلاب الذين يسكنون في مناطق محاذية للوادي، اذ قاموا “بتبني” مناطق ومقاطع من الوادي، تعلموا عنها وعن اهمية وكيفية الحفاظ على الوادي ونشطوا بالمجال بأشكال مختلفة بهدف استصلاح واعادة تأهيل الوادي الذي تحول جزء من الحيز وجزء هام من المكان والمنطقة.
في اطار مشروع استصلاح حوض وادي صفورية –الملك-، يتم الاستثمار بشكل كبير في التفكير بطرق وسبل ومشاريع لتطوير المجال التربوي، بما في ذلك ما هي النشاطات التي تمنح قيمة اضافية للتواصل بين جيل المستقبل وبين الوادي ومنطقته وما هي الامور الهامة والاساسية في بناء برنامج تربوي جديد ومتطور يستند على المعرفة والتجربة التي نمتلكها على مدار سنوات والتي من شأنها خلق القيم الاضافية الجديدة في سيرورة اعادة تأهيل واستصلاح الوادي، واحد المواضيع البارزة المتعلقة في الخطة التربوية لتبني جزء او مقطع من الوادي واستمرار تطويره هو صفوف تعليمية خارجية
ان التعليم في الصفوف تتميز في الكثير من الحالات بانها تعليم مضامين او مهارات صفية، بشكل قد يحجب عن الطلاب “العالم الحقيقي”، ومن هنا فات التعليم في صفوف خارجية من شأنه ان يمنح الطلاب الفرصة للتعلم من خلال التجربة والممارسة ولمس الامور والارتباط في البيئة وكل ما هو جزء منها.
ان الطالب والشاب الذي يخرج الى الوادي القريب من مكان سكنه، يلمس الطبيعة والبيئة بكافة حواسه، يسمع خرير المياه وزقزقة الطيور ويلمس ويرى حركة جريان المياه، ويشم رائحة الطبيعة ويشعر ويلمس الصخور والتراب والنباتات. ومن خلال هذه التجربة يبدأ بطرح الاسئلة مثل، لماذا مياه الوادي غير صافية او من هو الحيوان الذي يترك اثار بالقرب من الوادي او اي طير من الطيور يغرد بجانبه. ومن هنا فان طرح الاسئلة والبحث عن اجوبة مناسبة دون شك من شأنه ان يساعد ويساهم في معرفة الطالب ويعزز الترابط والعلاقة مع الوادي وبيئته
التعليم الذي يعتمد على المكان يشمل العودة على المواد التعليمية ونفس المكان ونفس منطقة ومقطع الوادي الذي قام الطلاب بتبنيه مرة تلو الاخرى وهو مكان قريب من مكان سكنهم، ويشكل امرًا مختلفًا من جولة او نزهة لمرة واحدة، وتحويل مكان معين في منطقة الوادي الى حيز للتعلم والترفيه والنزهة يساهم في اكتشافه كل مرة من جديد، خاصة ان هناك متغيرات فصلية ملموسة ومؤثرة التي تساعد الطلاب على طرح الاسئلة والتعلم من جوانب مختلفة منها تاريخية وتراثية وجغرافية وبيولوجية وعوامل مؤثرة اخرى، ومن خلال طرح الاسئلة وبدء البحث عن اجوبة يحصل الطلاب على الاجوبة التي يبحثون عنها وهذا من شأنه ان يعزز الروابط بين الطلاب وبين البيئة والحيز في الوادي.
في اطار مسيرة التعلم فان الطلاب يأخذون جزء من استصلاح واعادة تأهيل الحيز، والعمل الميداني يكون مرافق بإلمام ومعرفة مع المكان ويكون الطلاب جزء اساسي من تشخيص المشاكل والتحديات وايجاد الحلول وتطبيقها. والمبادرة وتعزيز امكانية العمل والنشاط والتأثير على الحيز الانساني والميداني والتي من خلالها يكسب الطلاب تجربة الفعلية يؤثر بشكل ايجابي على التغير طويل الامد في منطقة الوادي مما يساعد الطلاب ايضًا على المهارات المختلفة والمرفة التي ترافقهم حتى وصولهم لمرحلة انهاء الثانوية وسن الرشد.
التعلم في منطقة الوادي في اطار البرنامج التعليمي التربوي، اعتمد خلال سنوات على نشاطات وعمل المرشدين في سلطة تصريف واودية كيشون، حيث تخصصوا في تعليم برامج تربوية من خلال تبني الوادي ومعرفتهم والمامهم الكبير في كافة التفاصيل المتعلقة بالوادي، وقد قام المرشدين بالعمل مع المعلمين المختلفين في المدارس المختلفة بالمنطقة بهدف تمرير وتطبيق الخطة التربوية وهي جزء من خطة استصلاح واعادة تأهيل الوادي، وهنا نشير الى استمرار المشروع بهدف تأهيل مرشدين في مجال البيئة وخاصة في المجتمع العربي، وبالمقابل سنقوم بتعزيز وتأهيل خاص لمرافقة طواقم المدارس لان معلمو المدارس هم اساس هام لخلق التغير المنشود في مسيرة التعليم وتعزيز الرابط بين الطلاب والوادي وبامكانهم اي المعلمين بتمرير وتعليم مواد ومضامين تربوية ثقافية خاصة لها تأثير كبير وملموس.
ان المضامين التعليمية القامة والموجودة اليوم ستكون اساسًا للبرامج الجديدة والتي ستشمل وتضم مضامين اضافية وفقًا للاحتياجات والتحديات لكل منطقة ولكل مجتمع، وكجزء من ادارة المعرفة في المشروع سيتم تجهيز المضامين لكافة الجمهور وكل معلم او معلمة او مرشد ومرشدة المعنيين بملائمة المضامين وتعليمها بإمكانهم القيام بذلك.
تطوير اخر للبرامج التربوية يضم تعميق الرابط بين مسيرة الاستصلاح واعادة التأهيل للأودية وبين المسيرة التربوية اذ انه في اطارة استصلاح وادي صفورية –الملك- تعمل بجهد كبير العديد من الطواقم المهنية والتخطيطية بهدف مرافقة وتنفيذ المخططات والمشاريع والبرامج المختلفة منها تحسين جودة المياه، التطوير الاقتصادي السياحي المحلي، وتطوير الزراعة وغيرها. ومن هنا فانه بامكان الطلاب لقاء الطواقم المهنية والمساهمة بشكل فعلي في استصلاح الوادي وتعزيز التواصل والرابط البيئي وايجاد الحلول، اضافة لذلك فانه بامكان طواقم المدارس المختلفة عقد الاجتماعات مع المخططين المختلفين للوادي ومرافقة اعمال التخطيط من خلال الابحاث المختلفة مثل ايجاد حلول الفيضانات في ظل التغيرات المناخية او من خلال ادوات اخرى بهدف الحفاظ واستصلاح الوادي من الجانب البيولوجي.
ان الطواقم التخطيطية ستقوم بتخطيط امكان خاصة للتعلم الخارجي بجانب الوادي والتي من شأنها ان تكون بمثابة دعوة مفتوحة للتواجد والتعلم والبحث التعليمي بجانب الوادي، حيث سيتم التخطيط لهذه الاماكن بشكل يتيح التواجد بها كافة ساعات اليوم على مدار الاسبوع وفقًا للاحتياجات المختلفة خاصة احتياجات المدارس.
اضافة كل هذا فانه من المخطط ان يتم اقامة مركز متنقل لتعلم في حيز الوادي، والذي من شأنه ان يساهم في تشجيع الطلاب على خوض التجربة التعليمية البحثية العلمية الاكاديمية ، حيث بإمكان الطلاب معرفة المركبات البيئية المختلفة للوادي من خلال استخدام الادوات العلمية المختلفة مثل المايكروسكوب والتصوير الجوي وغيرها.
ان البرامج التربوية المختلفة في منطقة الوادي، تعزز الشعور بالانتماء والهوية المحلية ومعرفة طلاب مختلفين من مجتمعات مختلفة على طول ضفتي الوادي، وكل هذا كجزء من ايجاد وخلق حيز مشترك يضم فسيفساء انساني وطبيعي يسام في ايجاد الحصانة المجتمعية والشخصية لكل افراد المجتمع.