رفيطال ريكلين – اغما
قرية الرينة تم تأسيسها في موقعها الحالي، بسبب وجود الينابيع الكثيرة ووجود وادي الملك، الذي ينبع منها. حياة السكان في قرية الرينة تمحورت حول المياه، والذي اختفى تقريبًا مع التقدم العمراني وظاهرة البناء الحضري وتغطية الينابيع واختفائها. وفي الأشهر الأخيرة، بدأ وادي الملك يحظى لنهضة جديدة وخاصة، جزء من هذه النهضة والتجدد هو مرور الوادي في الجهة الغربية من القرية في منطقة معدة لإقامه حي كامل، حيث يتم العمل على إعادة استصلاح وتأهيل للوادي الذي سيكون جزء من الغابة ومن منطقة مفتوحة معدة خصيصًا لراحة السكان.
ان وادي الملك، والينابيع التي تمده بالمياه كانوا بمثابة الأساس للحياة في قرية الرينة على مدار عشرات السنوات، ويذكر كبار السن من أهالي القرية العلاقة المباشرة التي كانت لهم في الوادي الذي كان جاريًا لفترة طويلة – وكيف كانوا يلعبون ويلهون في مياه الوادي وحوله وكيف كان يتم استخدام مياه الوادي. ومع تطور القرية ومدينة نوف هجليل، فان الينابيع وجزء من الوادي تمت تغطيتها ودفنها تحت الأبنية والشوارع التي تم فتحها، والعلاقة الطبيعية التي كانت بين السكان وبين الوادي اضمحلت واختفت، ومن هنا قبل عدة سنوات، بدأت السيدة أحلام معامرة، مديرة قسم الثقافة والشباب في الرينة، بدأت بالعمل على إعادة علاقة السكان بالوادي من خلال البرامج التربوية والتعليمية والجماهيرية. واحد اهم احداف هذا البرنامج هو تعزيز العلاقة بين الجيل الشاب والجيل الجديد وبين القصص التراثية التي تتمحور حول مصادر المياه في الرينة، اما الهدف الثاني فهو استغلال اهم الموارد في الرينة الا وهي المياه من اجل التطور الاقتصادي والتطور السياحي والاجتماعي.
مع ذلك، فان التحدي الكبير من اجل تحقيق هذه الأهداف هو حقيقة ان الغالبية العظمى او ربما كل الأراضي التي يمر بها الوادي هي أراضي خاصة، لذلك هناك معضلة كبيرة من اجل إعادة واستصلاح الوادي والينابيع في الرينة، لذلك وبناءً عليه في هذه المرحلة من البرنامج يتم التركيز على إيجاد طرق بديلة لرواية قصة المياه على أبناء الشبيبة والجيل الجديد ولكبار السن وحتى للزائرين والسائحين. احد البرامج هي نشاطات مشتركة لأبناء الشبيبة وأبناء الجيل الذهبي كبار السن، الذين سمعوا من ابائهم واجدادهم القصص التي تدور وتتمحور حول الحياة في قرية الرينة بظل وجود الوادي والينابيع كأمر مركزي في القرية وفي حياتهم اليومية. إضافة لذلك فان هناك مجموعة في الرينة تكبر وتزداد يوميًا تحت اسم “عينك على الرينة” التي تلتقي بشكل دائم ودوري وهدفها كتابة القصص التراثية الاجتماعية واقامة اللقاءات الاجتماعية والتواصل من اجل تعزيز العلاقات الاجتماعية وتقويتها بين أبناء البلد الواحد والتي تدور فيما تدور حول قصص الينابيع والوادي والمياه في القرية.
نشاط إضافي يقام هو وضع المياه في الحيز العام من خلال عوامل مختلفة، على سبيل المثال لا الحصر، إقامة معرض للصور التاريخية في القرية على طور المتنزه في القرية والذي يمر من على الممر فوق وادي الملك، وهو عبارة عن صورة على حائط كبير، ونافورة مياه في الدوار المركزي في القرية.
كما انه يتم التخطيط لاقامة مشاريع إضافية في المستقبل القريب، جزء منها تهدف لكشف جزء من نبع مغطى حتى الان، بالقرب من مبنى المجلس المحلي، وهو مشروع مشترك مع سلطة تصريف واودية كيشون ويتم تخطيطه وتنفيذه من قبل ل.ج.م للمشاريع. م.ض.
ان كل هذه النشاطات ونشاطات إضافية أخرى، تضاف لمشروع ملهم وخاص يقام خلال الأشهر الأخيرة وهو استصلاح وإعادة تأهيل وادي الملك في الجهة الغربية من القرية، وإقامة حرش عام في محيط ضفة الوادي. وبشكل فعلي فان الحرش هو المنطقة المفتوحة العامة الأولى في قرية الرينة. وقد تم العمل على إعادة تأهيل مقطع الوادي من خلال المصادقة على الخارطة لبناء حي جديد في الأطراف الغربية للرينة، والتي تشمل مساحة 20 دونم من الأراضي العامة المفتوحة ووادي بطول ما يقارب نصف كيلومتر. وقد تم اكتشاف الفرضة هذه من خلال عمل ونشاط سلطة تصريف واودية كيشون بالتعاون مع المجلس المحلي، حيث تم إقامة المشروع المشترك والبدء بتنفيذه من قبل المخططة صونيا شوستير من مكتب التخطيط الهندسي “طوخ-سارغوسي مصممي طبيعة” اما الاستشارة الهيدرولوجية فهي من قبل شركة “بيلغي مايم”.
لقد كان مقطع هذا القسم من الوادي مهمل ومنتهك بشكل كبير. بداية المقطع هي من مخرج مجرى القناة المغلق الذي يتدفق الى داخل القرية، ونظرًا لقوة تدفق المياه عند مخرج القناة والمنحدر الطولي الكبير والذي نسبته (3٪)، فقد تعمق التيار على مر السنين وتشكلت ضفاف عميقة على منحدر حاد. بالإضافة إلى ذلك، تم إلقاء الكثير من النفايات على ضفاف الوادي والتي جزء كبير منها دفنت على ضفتي الوادي مع مر السنين، لذلك شمل العمل على الاستصلاح واعادة التأهيل بجزء كبير إزالة الكثير من النفايات وكشف التربة الطبيعية للوادي.
من اليمين – نظرة لمقطع وادي الملك في الجهة الغربية من قرية الرينة والتي يتم التخطيط عليها لإقامه حي جديد وقبل البدء بالعمل على إقامة حرش. (تصوير :يفغيني بينسون) من اليسار – نظرة قريبة لقناة الوادي ولما هو موجود من نفايات تراكمت في المكان.
تتضمن الخارطة التخطيطية في هذا القسم ترميم قاع الوادي لمسافة طول نصف كيلومتر تقريبًا وعرض ما يقارب 10 أمتار وإنشاء حديقة حوله تجمع بين عناصر الإقامة ودعوة للأنشطة التعليمية والمجتمعية ومنطار لطبيعة الوادي. على الرغم من ان الظروف القانونية الأولية المواتية، لم تحدد امتداد الوادي في مساره الطبيعي من خلال الخارطة الهيكلية الطبيعية، فقد كانت هناك حاجة إلى خطة لتحويل الوادي والتي تضمنت أيضًا المزيد من توسيع قناة الوادي، واحد القيود التي واجهة التخطيط كان قلة عرض الارض العامة بالقرب من الوادي والتي الزمتنا ايجاد حلول وسط وتسويات بين قسم الوادي الأمثل والمنطقة المعدة لان تكون حديقة عامة وحرش.
تم تنفيذ التخطيط النهائي لمقطع بمساحة 1:3 وبعرض ارضي بطول متران. والتحدي الآخر الذي كان على فريق التخطيط والاستشارات الهيدرولوجية مواجهته هو التدرج الطولي الحاد. ومن أجل منع الانجراف والتآكل على الضفاف في حال حدوث الفيضانات، تقرر بعد التفكير ودراسة الخيارات المختلفة، إنتاج سدود صغيرة بارتفاع 40 سم كل 20 متر طول، وفي إطار الجهود المبذولة لزيادة الاتصال البيئي داخل المياه، ستتم إضافة الجدران القريبة والشلالات عبارة عن أحجار بارزة ستتسبب في انقسام سقوط الماء إلى درجتين يبلغ طولهما حوالي 20 سم.
لقد تم تخطيط الحديقة نفسها إدراكًا لأهميتها الكبيرة باعتبارها الحديقة العامة الوحيدة في قرية الرينة، وبالتالي أنشأ فريق التخطيط تعاونًا مع المجلس المحلي ومع مجموعات جماهيرية من المجتمع المحلي في مشروع ترميم واستصلاح وادي الملك من أجل التفكير المشترك. إن مفهوم التخطيط هو خلق صلة بين التنفيذ الفعلي وبين المضامين التعليمية والمجتمعية التي سيتم استيعابها في الميدان بطرق مختلفة.
لقد تم تخطيط مسارات متاحة تسهل الوصول إليها على طول الحديقة، وفي نقاط أوسع تم تخطيط مساحات ملائمة لمختلف الأنشطة الاجتماعية والتعليمية. وتم تصميم بعض المناطق لتكون أكثر اتساعًا وبعضها يدور حول موضوع محدد. على سبيل المثال، منطقة بها أشجار زيتون ناضجة ومنطقة أخرى تركز على النحل وتربية النحل. تم اختيار هذا الموضوع لأنه يرتبط بالتدريب السياحي المجتمعي للنساء في حوض وادي الملك والذي تم إجراؤه حول هذا الموضوع كجزء من مشروع إعادة التأهيل والاستصلاح (والذي تحدثنا عنه هنا).
إن الربط بين تخطيط الحديقة والمحتوى التعليمي والمجتمعي أمر مطلوب نظرًا لوجود بالقرب من الحديقة مدرسة ومكتبة ومركز جماهيري كان أيضا شريكا في التفكير مع فريق التخطيط حول احتياجات المجتمع بهذه المؤسسات من استخدام الحديقة لأنشطة الأطفال المتعلقة بالقضايا البيئية والطبيعة والنباتات المحلية التي من المقرر زراعتها هناك. وقد خصص المركز الجماهيري غرفة خاصة سيتم استخدامها كمركز لتربية النحل. سيتم ربطه بنفس الموضوع الذي سيكون موجودًا في الحديقة.
بدء بناء الحديقة بإنشاء شرفة ومنطار مراقبة جميلة من على مخرج القناة المغلق، والتي تطل على الحديقة ومجرى الوادي وهي بالقرب من المركز الجماهيري والمكتبة العامة. وذلك من منطلق ان العنصر الذي سيخدم السكان قبل الانتهاء من جميع أعمال الترميم والتطوير. ويمكن استخدام الشرفة التي تشمل التظليل من الشمس والاشجار والمقاعد، للأنشطة الجماهيرية والمناسبات العامة مثل أعياد الميلاد وأسبوع الكتاب وغيرها من الفعاليات والانشطة.
من اليمين – شرفة منطار تطل على الوادي والحديقة وهي قريبة من المركز الجماهيري ; من اليسار – العمل على استصلاح مقطع الوادي (تموز 2024).
وقد تم حل المشاكل التي ظهرت وبرزت خلال العمل حتى الآن بطريقة جيدة بفضل الحوار مع البلدية ومكتب التخطيط وسلطة تصريف واودية كيشون وحسن النوايا من جميع الأطراف. كما سمح التعاون للسكان وللعاملين في مجال السياحة بالمشاركة في برامج اقامة الحديقة من خلال الأنشطة المتنوعة والدورات التدريبية وغيرها.
يعد مشروع حديقة الوادي في الحي الغربي مثالاً على تحديد واستغلال الفرص الموجودة في المنطقة واستيعاب المفهوم التكاملي لمشروع ترميم واستصلاح وادي الملك. إن التخطيط، الذي تم بالتشاور الكامل مع العديد من الشركاء، يخلق منطقة تستجيب لترميم مقطع الوادي إلى جانب اقامة مساحة متنوعة وعالية الجودة تتكيف مع احتياجات المجتمع المحلي حيث ان الحديثة هذه ستسمح لسكان قرية الرينة بتجديد تواصلهم المباشر مع المياه وإنشاء “قصة مياه” قديمة جديدة.
شكر خاص للسيدة صونيا شوستير من مكتب التصميم الهندسي طوخ-سارغوسي وللسيدة أحلام معامرة ولمجلس الرينة، على المساعدة في مع المعلومات.
تفاصيل إضافية :